يعد مرض الزهايمر أو "ضعف الذاكرة" من أهم أمراض الشيخوخة وأخطرها في الانتشار الهائل للمرض وارتفاع المصابين به، والمتوقع أن يصل عددهم نحو 150 مليون شخص خلال الخمس سنوات القادمة ومما يزيد من خطورة هذا المرض، ارتفاع معدل متوسط الأعمار في العديد من الدول المتقدمة في ظل التطورات الحديثة مما ساعد علي انتشار المرض إضافة إلى أن الطب لم يجد له حتي الآن علاجا إلا بواسطة بعض العقاقير كعلاج مؤقت لضعف الذاكرة أو النسيان في حين أن النتائج أو العلاج الحاسم مازال بعيد المنال لكن ما هو مرض الزهايمر الذي اقترب لأن يكون مرض القرن؟
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر؟ وسبل التعايش مع هذا المرض وعدد المصابين به في العالم ودور الطب النفسي في علاج المرض. كلها أسئلة تجيب عنها السطور القادمة:
أشارت أحدث البحوث الأمريكية أن نسبة الإصابة بمرض الزهايمر بين المدخنين أقل بكثير من نسبة الإصابة بين غير المدخنين، وأن مادة النيكوتين تحد من تآكل أو تكسير مادة (الأستيل كولين) التي تسبب الزهايمر بسبب تكسيرها أو تآكلها إلا أن كثيراً من الأطباء الباحثين في جميع أنحاء العالم والذين اعترفوا في البداية بصحة هذه البحوث الأمريكية اعترضوا أن يكون ذلك بمثابة الضوء الأخضر لإباحة التدخين بمخاطره وأضراره الكاملة ويدرس الباحثون تأثير العوامل السيئة علي انتشار مرض الزهايمر، حيث توصل عدد من الأبحاث إلى أن بعض الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر لديهم كميات قليلة من الألمنيوم مترسبة في أمخاخهم. إلا أن العلماء الذين درسوا مصادرالألمنيوم البيئية من المواد المضادة للحموضة أو مضادات العرق أو من أواني الطهي أو ماء الشرب لم يجدوا علاقة بين الألمنيوم ومرض الزهايمر . وعلى جانب آخر أشارت بعض الدراسات إلى التأثير الوقائي للأستروجين والعقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية وفيتامين "هـ" وعوامل أخري إلا أن تلك الدراسات مازالت بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتؤكدها.
من يصاب بالزهايمر
وعن أعمار المصابين بالزهايمر تشير الأبحاث والدراسات أن مرض الزهايمر يصيب عادة كبار السن "65 سنه" وما فوق، ولكنه نادراً ما يصيب من هم دون الأربعين، ومتوسط الإصابات تكون في سن 50 عاما حيث تترواح نسبة الإصابة من 12 لكل100 شخص في سن 65، ولكن هذه الخطورة تزداد بنسبة 15 في سن الثمانين وفي سن التسعين، فإن نصف ما يصلون إلى هذا العمر يصابون ببعض الأعراض، وينتشر مرض الزهايمر بين كل الأجناس بالنسبة نفسها ولكن النساء أكثر قابلية من الرجال للإصابة به ربما لأنهن يعشن حياة أطول.
التعايش مع مريض الزهايمر
ولكن هل يمكن التعايش مع مريض الزهايمر؟
الأبحاث والدراسات المتخصصة تشير إلى وجود بدائل علاجية يمكن من خلالها السيطرة علي مريض الزهايمر، ومن أهم هذه البدائل إيجاد نوع من التعايش الطبيعي مع مريض الزهايمر حيث أنه توجد بعض الخطوات الإرشادية يمكن للأسرة أن تتعايش من خلالها مع مريض الزهايمر أهمها:
استعمال معينات الذاكرة: وهي تقوم بتنشيط ذاكرة مريض الزهايمر من وقت لآخر وتجعله معتمداً أكثر علي نفسه في تذكر أي شئ ويكون ذلك بكتابة قائمة بالأنشطة اليومية والتعليمات التي تلزم المريض ليؤدي الأعمال اليومية مثل كيف يرتدي ملابسه ويعد الطعام بنفسه وتتم مساعدته في تنفيذ تلك الخطوات عن قرب.
تقليل عملية التجول: إن مريض الزهايمر غالبا ما يضل الطريق إذا خرج من منزله، وفي تلك الحالات ينصح بمحاولة تقليل خروج مريض الزهايمر من منزله. أو وضع بطاقة هوية داخل جيبه مدون فيها رقم تليفون المنزل وأن هذا الشخص مريض عقليا بجانب وضع ملاحظة أنه يجب الاتصال بالرقم فورا.
البيئة الهادئة: في تلك الحالة فإن تهيئة المناخ الذي يعيش فيه مريض الزهايمر ومنها أن يكون المنزل مألوفاً وآمناً وإزالة كافة الأشياء التي يمكن للمريض أن يصطدم بها أثناء تحركاته داخل المنزل، بالإضافة إلى تجنب حدوث ضوضاء وإحكام إغلاق الدواليب أو الأدراج التي تحتوي علي أدوية أو بنادق أو أسلحة أو مواد سامة أو آلات حادة حتي لا تكون سهلة لكي يتعرض لها مريض الزهايمر.
بناء الشخصية: بقدر الإمكان فإن مريض الزهايمر يبحث عن شخص يفهمه ويحاول أن يساعده في بناء شخصيته التي يشعر أنه فقدها ومن هنا فإن الجو المنزلي الهادئ القليل من المشاكل السلوكية أو المشاكل بين الأبناء أو الأطفال يساعد مريض الزهايمر علي الهدوء والتكيف مع الوضع المناسب.
إحصائيات الإصابة بالمرض
ويعتبر مرض الزهايمر من أكثر الأمراض شيوعا إذ تؤكد الأرقام والإحصاءات الصادرة أن عدد المصابين به في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أربعة ملايين مريض من المتوقع أن تصل نسبة الإصابة إلى6 ملايين في عام 2010، بالإضافة إلى إصابة حوالي 36000 شخص في فرنسا إلا أن من المنتظر أن تضاف نسبة 10000 حالة أخرى سوف تضاف إلى الرقم السابق بعد 20 سنة.
أما الصين فنظرا لعدد سكانها الذي تعدي المليار بأنه من المحتمل أن يصاب الملايين بهذا المرض. وخاصة في السنوات العشر القادمة بجانب ذلك تظهر كل سنة حوالي 70000 حالة جديدة في العالم. الأمر الذي يجعل عدد المصابين في عام 2025 يصل إلى 25 مليون حالة علي مستوي العالم.
من ناحية أخري فإن سوق دواء الذاكرة أو علاج مرضى الزهايمر يصل سنويا إلى 3 مليارات دولار سنويا الأمر الذي جعل مصانع أدوية الذاكرة تراهن علي أبحاث تطويل العمر لتضخيم أرقام مبيعاتها.
وفي مصر تقل نسبة الإصابة بمرض الزهايمر حيث أن نسبة الأعمار لا تزيد عن 70 سنة، وهي نسبة أقل من الدول الغربية والمتقدمة التي تزيد فيها نسبة الأعمار إلى ما فوق 80 سنة وأكثر، مما يجعلها معرضة بدرجة أكبر للإصابة بمرض الزهايمر.
المشاهير
والإصابة بمرض الزهايمر لم تقتصر علي الأشخاص العاديين فقط بل طالت عدداً كبيراً من مشاهير العالم نذكر منهم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، بالإضافة إلى إصابة الممثلة الراحلة ريتا هيوارث بهذا المرض وعن دور الطب النفسي في علاج مرض الزهايمر يقول د عادل صادق أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أن التذكر عملية كيمائية تعتمد علي وجود مادة تسمي (D.N.A) وهي الحمض النووي للإنسان وهي أقرب إلى الفيلم الحساس الذي نسجل عليه الأحداث.
وأنه مع تقدم العمر تقل مادة (D.N.A) فتقل قدرة الإنسان علي حفظ معلومات جديدة ولكنه يظل محتفظا على عدة معلومات قديمة ويشير د. عادل صادق أن تقدم الإنسان في العمر يجعله يصاب باضطرابات في الذاكرة حتي يصاب بمرض الزهايمر، الذي يعتبر من أخطر الأمراض التي تؤدي إلى تآكل خلايا المخ وفيها يفقد الإنسان ليس فقط ذاكرته، بل وكل قدراته الفعلية تدريجيا حتي ما تعلمه طوال حياته ينساه مع الوقت ويضيف "صادق" أن الأبحاث توصلت حتي الآن إلى أن أفضل طريقة لحفظ خلايا المخ من الانكماش والضمور هو أن يظل المخ يعمل بنشاط، لذلك حين يتوقف الإنسان عن العمل عند إحالته إلى المعاش مثلا يبدأ الدخول في حالة نسيان لآن خلايا المخ كلما أعطيتها معلومات تستمر في العمل والعكس صحيح، فالعضو الذي لا يعمل يضمر، ولذلك نجد بعض الكتاب مثل الأستاذ نجيب محفوظ. الذين تخطوا الثمانين من عمرهم مازالت ذاكرتهم تعمل بكفاءه لأنهم يواظبون علي القراءة والكتابة .