حياة المشاهير الخاصة
أطرف كتاب صدر في الولايات المتحدة موضوعه حياة المشاهير الخاصة، ويكشف أن المشاهير الذين نحيطهم بهالة كبيرة، ونظن أنهم فوق مستوى البشر، مجرد أناس عاديين لهم نقاط ضعفهم كما لديهم نقاط قوة هي التي تجعلهم مثار إعجاب الآخرين. وقد كان جورج برنارد شو الذي حقق شهرة غير عادية في الأدب يقول: “كلما اقتربت من المشاهير، اكتشفت أنهم أناس عاديون، يفرحون ويحزنون، ويضحكون ويبكون، ويتعرضون لمختلف لحظات الضعف البشري التي يتعرض لها كل إنسان عادي”. وعندما كانت كلمة نابليون تهز العالم كان ضعيفا أمام زوجته جوزفين، وكانت جوزفين بدورها ضعيفة أمام ابنها جوزيف، وكان نابليون يقول لابنه: “إنك يا ولدي تحكم العالم، فأنت تحكم والدتك، ووالدتك تحكمني”. وخروتشيف كان يتزعم ثاني أقوى دولة في العالم، ومع ذلك فإنه ضعف أمام جمال مارلين مونرو عندما قابلها، وقال لها: “يا سيدتي، لو أنك عندنا، في الاتحاد السوفييتي، لجعلتك الجمهورية السادسة عشرة”، وعندما شعر بالغضب من المندوب البريطاني في الأمم المتحدة لأنه هاجم الاتحاد السوفييتي، وعبر عن غضبه بطريقة أقل من عادية، فقد نزع حذاءه وضرب به على الطاولة.
وكتاب حياة المشاهير الخاصة يتناول هذا الجانب من حياة المشاهير، الجانب الذي ينزعون فيه الهالة عن أنفسهم ويتصرفون كأناس عاديين، وهو يضم مجموعة من الرسائل الشخصية التي أرسلها بعض هؤلاء في مناسبات مختلفة، يكشفون فيها نوازعهم وأهواءهم، ولم يكونوا يتصورون يوما أنها ستأخذ سبيلها للنشر. وفي إحدى هذه الرسائل نجد الرئيس الأمريكي هاري ترومان يهدد أحد الصحافيين بالضرب المبرح لأنه انتقد ابنته مارجرت وقال إنها غير قادرة على الغناء. ويقول الكتاب: “إن ترومان كان يحب ابنته إلى حد كبير، وعندما قرأ ما كتبه الصحافي غضب غضباً شديداً وكتب إليه يقول: يوماً ما، سأقابلك أيها القذر، وعندما يحدث ذلك، ستكون بحاجة إلى أنف جديد، وإلى كثير من الكمادات لمعالجة الكدمات على وجهك وتحت عينيك”.
وابراهام لينكولن، الذي دخل التاريخ الأمريكي باعتباره محرر العبيد، كان يحب فتاة تدعى ماري أوينز. وشاءت الأقدار أن يفترق عنها ما يقرب من السنتين، وفي عام 1838 سمع أنها عادت، فأرسل إليها يعرض رغبته في الزواج بها، ولكنه عندما قابلها وجها لوجه بعد هذه الغيبة عدل عن رأيه وقال: “لقد تغيرت كثيرا، فأنا أعرف أنها سمينة، ولكنني لا أعرف انها أصبحت تشبه فالستاف”. وفالستاف شخصية كوميدية سمينة جدا وبكرش كبير في إحدى مسرحيات شكسبير.
وفي عام 1944 عندما كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها، وبدا أن ميزان المعارك يميل إلى مصلحة الحلفاء، كان نائب هتلر منصرفا عن الحرب ومشغولا بعلاقاته العاطفية مع إحدى صديقات زوجته جيردا، فقد أرسل رسالة إلى زوجته يخبرها فيها انه تمكن من استمالة الصديقة، ويقول في الرسالة: “إنها الآن لي، ولا تستطيعين تصور سعادتي عندما أتذكر أنك وصديقتك حبيبتان لي، ولا شك ان الأقدار كانت سخية جدا معي”.
وبنيامين فرانكلين من الرواد المؤسسين للولايات المتحدة، ويقول المؤرخون إنه “يجسد الفضيلة” ولكن رسائله الخاصة لا تكشف انه كان يتمتع بهذه الصفة، فقد كتب رسالة إلى أحد أصدقائه ينصحه فيها بالجري وراء النساء المتقدمات في العمر، لا وراء الفتيات الصغيرات، لسبب واحد هو أن المرأة المتقدمة في العمر تعرف كيف تعامل الرجل.
وفي الكتاب مئات الرسائل من مشاهير من كل لون، بينها رسالة من نابليون إلى زوجته جوزفين يشكو فيها إهمالها له، وعزوفها عنه، وأخرى من ألفيس بريسلي إلى الرئيس نيكسون يعرض فيها العمل مخبرا في المخابرات الأمريكية، وعندما ينتهي القارئ من قراءة الكتاب يتذكر تلك الحكمة المشهورة: “ظننا الباشا باشا، فإذا بالباشا رجل”.