رسالة الى مصر المسلمة
للعالم السعودى الدكتور
عائض القرنى
نما الى علمى أن
أخا مصريا يشكو من الجفاء والاستخفاف
فقلت لابد أن أدب بعض السفهاء وأن أقلم أظفارهم
وأن
أخبرهم ما هي مصر ؟
وماذا تعنى مصر ومن
هم المصريين ؟
وماذا يعنى وادى الكنانه او وادى النيل
إن مدحي لـ مصر وثنائي على مصر
كمدح الأعرابي الذي كان يمشي في الظلام الدامس
وفجأة طلع عليه القمر
فأخذ الأعرابي
يناشد القمر ويذكره ويقول:
يا قمر إن قلتُ جملك
الله فقد جمّلك
وإن قلت رفعك الله فقد رفعك
من أين أبدأ يا مصر ؟ وكيف أتحدث ؟ وبأي لسان أنطق؟
إنني سوف أدخل
التاريخ من أوسع أبوابه إذا ذكرت مصر
وإن الدنيا سوف تصفق لي ويصفق لي
الدهر إذا ذكرت مصر .
مصر المسلمة التي شكرت ربها وسجدَت لمولاها.
مصر التي قدمت
قلوبها طاعة لربها
وجرت
دماؤها بمحبة نبيها صلى الله عليه وسلم.
إن لك يا مصر في
عالم البطولة قصة وفي دنيا التضحيات مكاناً
وفي مسار العبقرية
كرسى لا يُنسى أبداً
دخلت مصر في الإسلام طوعاً ودخل الإسلام قلب مصر حباً
وأحب المصريون ربهم تبارك وتعالى
فذادوا عن دينه
وحموا شرعه ونشروا منهجه.
وأحب المصريون محمداً صلى الله
عليه وسلم
كأشد ما يحب التلاميذ شيخهم
والطلاب أستاذهم والأبطال قائدهم
معذرة يا مصر
إن بعض السفهاء لا
يعرفون هذه الوحدة
التي ألفها محمد
صلى الله عليه وسلم.
إنهم لم يدخلوا جامعته الكبرى
التي جعل أعضاءها
كل خيِّر في الدهر وكل إنسان في المعمورة.
معذرة يا مصر
يا أرض الأزهر الوضَّاء
ويا أرض البطولة والفداء
ويا أرض العبقرية والذكاء.
أنا أعلم أن في
الشعوب فسقة ومجرمين لا يستحقون الثناء
ولا أستثني
شعباًولكن تبقى
الكثرة الكاثرة من المؤمنين المصلين العابدين
الصالحين الطاهرين
فحقٌّ عليّ على منبر محمد
أن أشكر أتباعه صلى
الله عليه وسلم في مشارق الأرض ومغاربها
في مصر وفي غير مصر هنا وهناك اليوم وغداً وأمس.
أي جامعة في الدنيا تحمل
الثقافة ليس فيها مصري
وأي مؤسسة علمية في
المعمورة ليس فيها مصري
وأي مسار ثقافي لم يشارك فيه المصريون بعقولهم وأبصارهم وبصائرهم؟
أُنزلت سفينة
الفضاء الأمريكية على سطح القمر
بقدرة الواحد الأحد ثم
بعقل مصري .
بهاليلُ في الإ سلام سادوا ولم يكن لأولهم في الجاهلية أولهم
القوم إن أعطو أطابوا وإن دعو أجابو
وإن إعطو أصابو وأجزلو
ولا يستطيع الفاعلون كفعلهم
وإن حاولو
فالنائبات وأجزلو
إنني
لا أنتظر شكراً من أحد إلا من الله على هذا الكلام
ولكن
أريد أن أرد على بعض الأقوام
الذين
أصابتهم لوثة الوطنية ولوثة العِرق ولوثة البلد ولوثة الدم
ولوثة اللغة ولوثة القوميه المفتريه
أصاب المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه
قحط أكل الأخضر
واليابس عام الرمادة
وقال عمر في تلك
الأيام :
والله لا آكل سمناً ولا سميناً حتى يكشف الله الغُمَّة عن المسلمين
وبقي مهموماً هما يتأوَّه منه ليلا ونهارا
نزل الاعراب حوله فى العاصمة
الإسلاميه المدينه المنورة بخيامهم
كان يبكى على
المنبر وينظر الى الاطفال وهم يتضورون جوعا أمامه
وود أن جسمه خبزا يقدمه للأطفال فأخد يقول
ليت أم عمر لم تلد عمر
ياليتنى ما عرفت الحياه آه يا عمر كم قتلت من
أطفال المسلمين
لأنه يرى أنه هو
المسؤل الأول عن الأكباد الحارة والبطون الجائعه
وفى الاخير تذكر عمر أن له في مصر إخواناً في الله
وأن مصر بلدٌ معطاءٌ سوف يدفع الغالي والرخيص
لإنقاذ العاصمة الإسلامية.
وكان والي مصرعمرو
بن العاص الداهية العملاق
فكتب له عمر رسالة نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص ..
أما بعد: ف واغوثاه واغوثاه
واغوثاه.. والسلام
فأخذها عمرو بن العاص
وجمع المصريين ليقرأ
الرسالة الملتهبة المحترقة الباكية المؤثرة أمامهم.
وقال : والله لأرسلنّ لك
قافلة من الطعام
أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر
وجاد المصريون بأموالهم كما يجود الصادقون مع ربهم
وبذلوا الطعام وحملوا الجمال
وذهبت القافلة تزحف كالسيل وتسير كالليل
تحمل النماء والحياة والخير والرزق والعطاء
لعاصمة الإسلام.
ودعا لهم عمر وحفظها التاريخ لهم
حفظا لا ينساه أبد الدهر
ولم تنقطع هذه القوافل من يومها الاّ منذ ما
يقارب من خمسين عام
دخل التتار أرض
الإسلام ودياره فدمروه
وهدموا المساجد ومزقوا المصاحف وذبحوا الشيوخ وقتلوا الأطفال
وعبثوا بالأعراض بل دمَروا عاصمة الدنيا بغداد
وزحفوا إلى مصر ليحتلوها.
فخرج المصريون وراء
الملك المسلم قطز
الذي يحمل لافتة لا إله إلا الله
محمد رسول الله
وكانت المعركة عين
جالوت
والذي حثَّ الناس على القتال
هو العالم
بل سلطان العلماء /
العز بن عبد السلام
التقى التتار الأمة البربرية البشعة
التي لم يعلم في
تاريخ الإنسان أمة أشرس ولا أقوى ولا أبشع منها
التقوا بالمصريين المسلمين.
فلما حضرت المعركة
والتقى الجمعان
قام قطز فألقى لأمته من على رأسه وأخذ يهتف
في المعركة
وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. وا إسلاماه
فقدّموا المُهج
رخيصة وسكبوا الدماء هادرة معطاءة طاهرة
وانتصر الإسلام، وسُحق التتار ومُنوا بهزيمة
لم يُسمع بمثلها في التاريخ.
أتى العدوان
الثلاثي الغاشم يريد اجتياح مصر ، وخرج المؤمنون بعقيدتهم وتوحيدهم يدافعون
الدول الثلاث، خرجوا يهتفون مع صباح مصر :
أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا
أنتركهم يغصبون العروبة
أرض الأبوة والسؤددا
فجرد
حسامك من غمده فليس له اليوم أن يغمدا
وسحقوا العدوان الثلاثي، واندحر العميل الغادر
الغاشم بنصر الله ثم بضربات المؤمنين
وكلكم يعلم أن
العالم الإسلامي حارب إسرائيل ما يقارب أربعين سنة، فكانت مصر أكثر الأمة
جراحاً، وأعظمها تضحيةً، وأكبرها إنفاقاً، وأجلها مصيبةً.. قدمت آلاف
وملايين الأبناء البررة المؤمنين، والدماء، والآراء.
ولـمصر في قلب الزمان
رسالة مكتوبة يصغي لها الأحياء
من مصر تبدأ قصة في طيها تروي الحوادث و العلا
سيناء
ولـمصر آيات
الوفاء ندية أبناؤها الأصداء والأنداء
هي مصر إن أنشدتها متشوقاً طرب الزمان وغنت الورقاء
ما مصر إلا الفجر
والدمع السخي وإنها سر المحبة حاؤها والباء
************ ********* ********* *********
رسالة الى المقيمين بهذا
البلد الكريم
للعالم السعودى الدكتور
عائض القرنى
إن هذه البلاد -بلاد محمد عليه الصلاة
والسلام- ترحب بكل مسلم يحمل هوية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإنه
شرف لنا أن نستقبل هؤلاء الضيوف من كل أصقاع العالم الإسلامي، ما داموا
يحبون الله ورسوله، ويحترمون الإسلام؛ فإنا ننزلهم على الجفون ونضعهم على
المقل.
وإن من واجب الضيافة
علينا؛ أن نهش ونبش لهذا العطاء الوافر ولهذا الوفد الكريم الذي أتى ليبني
ويثقف ويربي ويعلم، وأما الذين ينقمون على الإسلام؛ فلو كانوا إخواناً لنا
في بيوتنا لألقمناهم حجراً، وحق علينا أن نملأ أفواههم تراباً.. من أي
بقعة، أو من أي شعب، أو من أي جنس.
إن القضية هي قضية
الإسلام، وقضية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإن الشعوبية الجديدة التي
تتغلغل في العالم الإسلامي لتمزقه أكثر من هذا التمزيق؛ لهي عقيدة فاشلة
خاطئة، أرادها الاستعمار. فهذا الدين، دين إخاء وقربى وحب وتواد، أتى به
محمد عليه الصلاة والسلام